OverDrive would like to use cookies to store information on your computer to improve your user experience at our Website. One of the cookies we use is critical for certain aspects of the site to operate and has already been set. You may delete and block all cookies from this site, but this could affect certain features or services of the site. To find out more about the cookies we use and how to delete them, click here to see our Privacy Policy.
كانت أسوأ مما رأيتها عليه من قبل، جبهتها ملفوفة بالشاش وأسفل عينيها طُبعت إصابات بالغة غطت نصف وجهها المثلثى الأسمر، حين شاهدتها أول مرة على باب البرج السكنى كانت تطير بفستانها الطويل نحوسيارتها، قالت لِـ»عدي» صديقي، دون أن تتوقف «لن أُسلم عليكَ الآن، تأخرتُ عن عملي، لك منى أربعة سلامات مؤجلة ولصديقكَ الذى لا أعرفه واحد آخر». ,,هى الوحيدة الناجية، كل من كان فى البرج السكنى استشهد فى مجزرة بشعة قام بها المحتل الصهيونى حين قصف البرج دون سابق إنذار، أتتنا دون شيء، لم يتعرف عليها أحد، وكل من معها دُفن على الفور فى نفس اليوم. ,لكنى أتذكرها جيدا، قابلتها مع «عدى» للمرة الثانية حين كانت تجلس فى المقهى بصحبةِ كتاب وثلاثة فناجين قهوة، أراد أن يُزعجها، فهاتفها قائلا: «لا يمكن لفتاة جميلة أن تجلس وحدها» وحين رفعت رأسها وجدتنا على الطاولة المقابلة لها، فابتسمت وتقدمت نحونا، وقبل أن تجلس قالت:,,- سأقول لخالتى إنك تُلاحق الفتيات فى المقاهى ,,- لا.. أقسم بالله هذا اقتراح كريم..,تعرفنا على بعض حينها,- كريم.. هذه سلام بنت الجيران، سلام.. هذا كريم صديقى.. ,«عُدى» أيضا استشهد، عشرون شهيدا ذهبوا، هكذا كشربة ماءٍ انزلقت مُسرعة فى حنجرة عطشان، اتَكَأتْ بعدهم الحرب على كوع يدها قليلا، كى تهضم باستمتاع ما ابتلعتهُ فى بطنها. ,
,عشرة أيام مضت، كأنها كابوسٌ يُخزن كومة فاجعته فى غزة، يأبى أن يرحل دون الخراب الأعظم، دون شهقة تاسعة وعشرين ومليون.. أيام أخرى طُويت على العشرة، والناجية فى غيبوبتها بين مئات الأسّرة فى غرفة العناية المركزة يتشاطرون الوجع الذى وهبتهم إياه المدينة حين فاض عن قدرتها تحمله وحدها، بعدها تأكدت مخاوف الأطباء من خلل أصاب أجزاء فى الدماغ لديها، فأصبحت تعانى فقدانا للذاكرة، حين استيقظت لم تعرف شيئا، ولم تتعرف على نفسها، كانت تفيق من مفعول البنج رويدا وهى تهذى بجملة واحدة فقط «لحظة الانفجار الأخير»، بعدها طَرقت العاصفة الأولى أبواب موتها الجديد بعدما انهالت مع الانفجارات القادمة أسئلة عادية تحولت فى غزة إلى سابع المستحيلات.,- ماذا حدث! لِمَ أنا هنا ومن أكون؟ ,ولا أى إنسان فى هذا العالم كله يستطيع أن يُخبر أحدا من يكون، أوماذا يريد، وليس فى استطاعته أيضا أن يُعيد ضائع حربٍ إلى هُداه..,- من أكون؟ قالت. ,- سلام، أجابها الدكتور سليمان بحذر. ,- أنا لا أتذكر شيئا! ,- هذا طبيعى.. ستعودين مع الوقت كما كنتِ بالتدريج. ,- مع الوقت! سأعرف من أكون؟ سألتْ بصوت شحيح. ,- نعم، لديكِ إصابة بالغة فى المخ، أثرت على ذاكرتكِ قليلا. ,- المخ؟ ! قل.. ل.. ى ,انغمست فى نوم عميق، بعد أن أشار الدكتور سليمان لأحد الممرضين بوضع إبرة منوِّم فى المحلول المُلصق على يدها، نامت قبل أن تتحسس نكبتها كاملة. ,
,أسابيعٌ وأنا أُمرن بكائى وأروضه، بين مستشفيات القطاع، أخوض معارك طبيب فلسطينى كل ما يبصرهُ فى الحروب نهما متوحشا يزداد على الآمنين فى بيوتهم. ,الحرب تحصد مع الشهداء صوتى، تعلن به أننا نملك روحا واحدة تعترف بقدسية الحياة فينا أكثر، لهذا تسرق الأطفال والنساء والرجال.. تسرق الجميع، ومن تتركه تُبقيهِ على أحسن حالاته مثل «سلام» فاقدا للذاكرة، وأسوأه مثلى فاقدا للرغبة فى الحياة..,
كانت أسوأ مما رأيتها عليه من قبل، جبهتها ملفوفة بالشاش وأسفل عينيها طُبعت إصابات بالغة غطت نصف وجهها المثلثى الأسمر، حين شاهدتها أول مرة على باب البرج السكنى كانت تطير بفستانها الطويل نحوسيارتها، قالت لِـ»عدي» صديقي، دون أن تتوقف «لن أُسلم عليكَ الآن، تأخرتُ عن عملي، لك منى أربعة سلامات مؤجلة ولصديقكَ الذى لا أعرفه واحد آخر». ,,هى الوحيدة الناجية، كل من كان فى البرج السكنى استشهد فى مجزرة بشعة قام بها المحتل الصهيونى حين قصف البرج دون سابق إنذار، أتتنا دون شيء، لم يتعرف عليها أحد، وكل من معها دُفن على الفور فى نفس اليوم. ,لكنى أتذكرها جيدا، قابلتها مع «عدى» للمرة الثانية حين كانت تجلس فى المقهى بصحبةِ كتاب وثلاثة فناجين قهوة، أراد أن يُزعجها، فهاتفها قائلا: «لا يمكن لفتاة جميلة أن تجلس وحدها» وحين رفعت رأسها وجدتنا على الطاولة المقابلة لها، فابتسمت وتقدمت نحونا، وقبل أن تجلس قالت:,,- سأقول لخالتى إنك تُلاحق الفتيات فى المقاهى ,,- لا.. أقسم بالله هذا اقتراح كريم..,تعرفنا على بعض حينها,- كريم.. هذه سلام بنت الجيران، سلام.. هذا كريم صديقى.. ,«عُدى» أيضا استشهد، عشرون شهيدا ذهبوا، هكذا كشربة ماءٍ انزلقت مُسرعة فى حنجرة عطشان، اتَكَأتْ بعدهم الحرب على كوع يدها قليلا، كى تهضم باستمتاع ما ابتلعتهُ فى بطنها. ,
,عشرة أيام مضت، كأنها كابوسٌ يُخزن كومة فاجعته فى غزة، يأبى أن يرحل دون الخراب الأعظم، دون شهقة تاسعة وعشرين ومليون.. أيام أخرى طُويت على العشرة، والناجية فى غيبوبتها بين مئات الأسّرة فى غرفة العناية المركزة يتشاطرون الوجع الذى وهبتهم إياه المدينة حين فاض عن قدرتها تحمله وحدها، بعدها تأكدت مخاوف الأطباء من خلل أصاب أجزاء فى الدماغ لديها، فأصبحت تعانى فقدانا للذاكرة، حين استيقظت لم تعرف شيئا، ولم تتعرف على نفسها، كانت تفيق من مفعول البنج رويدا وهى تهذى بجملة واحدة فقط «لحظة الانفجار الأخير»، بعدها طَرقت العاصفة الأولى أبواب موتها الجديد بعدما انهالت مع الانفجارات القادمة أسئلة عادية تحولت فى غزة إلى سابع المستحيلات.,- ماذا حدث! لِمَ أنا هنا ومن أكون؟ ,ولا أى إنسان فى هذا العالم كله يستطيع أن يُخبر أحدا من يكون، أوماذا يريد، وليس فى استطاعته أيضا أن يُعيد ضائع حربٍ إلى هُداه..,- من أكون؟ قالت. ,- سلام، أجابها الدكتور سليمان بحذر. ,- أنا لا أتذكر شيئا! ,- هذا طبيعى.. ستعودين مع الوقت كما كنتِ بالتدريج. ,- مع الوقت! سأعرف من أكون؟ سألتْ بصوت شحيح. ,- نعم، لديكِ إصابة بالغة فى المخ، أثرت على ذاكرتكِ قليلا. ,- المخ؟ ! قل.. ل.. ى ,انغمست فى نوم عميق، بعد أن أشار الدكتور سليمان لأحد الممرضين بوضع إبرة منوِّم فى المحلول المُلصق على يدها، نامت قبل أن تتحسس نكبتها كاملة. ,
,أسابيعٌ وأنا أُمرن بكائى وأروضه، بين مستشفيات القطاع، أخوض معارك طبيب فلسطينى كل ما يبصرهُ فى الحروب نهما متوحشا يزداد على الآمنين فى بيوتهم. ,الحرب تحصد مع الشهداء صوتى، تعلن به أننا نملك روحا واحدة تعترف بقدسية الحياة فينا أكثر، لهذا تسرق الأطفال والنساء والرجال.. تسرق الجميع، ومن تتركه تُبقيهِ على أحسن حالاته مثل «سلام» فاقدا للذاكرة، وأسوأه مثلى فاقدا للرغبة فى الحياة..,
Due to publisher restrictions the library cannot purchase additional copies of this title, and we apologize if there is a long waiting list. Be sure to check for other copies, because there may be other editions available.
Due to publisher restrictions the library cannot purchase additional copies of this title, and we apologize if there is a long waiting list. Be sure to check for other copies, because there may be other editions available.
Title Information+
Publisher
بيت الياسمين للنشر و التوزيع
OverDrive Read
Release date:
PDF eBook
Release date:
Digital Rights Information+
Copyright Protection (DRM) required by the Publisher may be applied to this title to limit or prohibit printing or copying. File sharing or redistribution is prohibited. Your rights to access this material expire at the end of the lending period. Please see Important Notice about Copyrighted Materials for terms applicable to this content.
Please update to the latest version of the OverDrive app to stream videos.
Device Compatibility Notice
The OverDrive app is required for this format on your current device.
Bahrain, Egypt, Hong Kong, Iraq, Israel, Jordan, Kuwait, Lebanon, Libya, Mauritania, Morocco, Oman, Palestine, Qatar, Saudi Arabia, the Sudan, the Syrian Arab Republic, Tunisia, Turkey, the United Arab Emirates, and Yemen
You've reached your library's checkout limit for digital titles.
To make room for more checkouts, you may be able to return titles from your Checkouts page.
Excessive Checkout Limit Reached.
There have been too many titles checked out and returned by your account within a short period of time.
Try again in several days. If you are still not able to check out titles after 7 days, please contact Support.
You have already checked out this title. To access it, return to your Checkouts page.
This title is not available for your card type. If you think this is an error contact support.
There are no copies of this issue left to borrow. Please try to borrow this title again when a new issue is released.
| Sign In
You will be prompted to sign into your library account on the next page.
If this is your first time selecting “Send to NOOK,” you will then be taken to a Barnes & Noble page to sign into (or create) your NOOK account. You should only have to sign into your NOOK account once to link it to your library account. After this one-time step, periodicals will be automatically sent to your NOOK account when you select "Send to NOOK."
The first time you select “Send to NOOK,” you will be taken to a Barnes & Noble page to sign into (or create) your NOOK account. You should only have to sign into your NOOK account once to link it to your library account. After this one-time step, periodicals will be automatically sent to your NOOK account when you select "Send to NOOK."
You can read periodicals on any NOOK tablet or in the free NOOK reading app for iOS, Android or Windows 8.